الشهيد القائد ابراهيم الحمدي (اليمن)
صفحة 1 من اصل 1
الشهيد القائد ابراهيم الحمدي (اليمن)
ولد إبراهيم الحمدي بمحافظة إب – مديرية قعطبة- حيث كان يعمل والده القاضي محمد الحمدي الذي كان قد تزوج بأم إبراهيم في قعطبة ،وهي من أسرة الخطيب .وقد أشارت بعض الوثائق الرسمية إلى انه ولد عام 1943م ،إلا أن وسائل الإعلام قالت في أول أيام حركة يونيو ،أن عمره سبعة وثلاثون عاماً ،تقول أسرته إنه لم يتجاوز الواحد والثلاثين في يوم قيام الحركة ،مما جعل الأمر متضارباً لدينا في مسألة العمر وتاريخ الميلاد ، إلا أن الأرجح هو تقدير الأسرة التي أكدت ان تاريخ ميلاده كتب بخط والده في مصحفه بالتاريخ الهجري والده كشفت قصاصة بخط الولد تؤرخ لميلاده الهجري وهو الأربعاء 25 شهر رجب 1362الموافق 28 يوليو 1943 لكنه –هذا هو المهم –ولد في فواحد من أهم بيوت العلم ،والتصوف ،وهو بيت الحمدي الذي اشتغل معظم رجاله بالقضاء ،مما اثر على نشأته –إبراهيم في اتجاه احتمالات الاحتراف لنفس المهنة لولا ظروف المرافقة لاندلاع الثورة السبتمبرية والأجواء العربية والدولية المفعمة بانتصارات العديد من حركات التحرر ،وبنداءات التحديث التي أدت إلى انخراطه في المظاهر الجديدة التي بدأت تعم اليمن على حساب الإرث التقليدي للمجتمع اليمني ،الذي بسبب التجاوز له لم يصبح إبراهيم الحمدي قاضياً مثل أبيه بعد أن كان في مرات عديدة يجلس على كرسي القضاء ،ويقرر كثيراً من الإحكام الصائبة نيابة عن والده.
وكان لنشأة الحمدي في مناخ الطبقة المتوسطة دور في التفاعل مع القضايا الوطنية والعربية والإسلامية والإنسانية من خلال القابلية النفسية والذهنية التي يتسم بها المتوسطون اجتماعيا إزاء علمية النهضة والتغير إجمالاً.
ويقول المطلعون على تفاصيل فترة طفولته، انه كان نابغاً بوضوح جعل والده يتوقع له شأنا عظيماً، ويعامله بأسلوب مختلف جعل أقربائه يستعدون قصة يوسف الصديق وأخونه مع أبيهم يعقوب ابن إسحاق عليه السلام.
ولذلك فإنني أعتقد بأن الثورة السبتمبرية قد ساعدت على حدوث جملة من التحولات في داخل الشهيد بالشكل الذي كان بدون قيامها –أي الثورة سيجعل إبراهيم الحمدي يرث القضاء عن أبيه ولا يدخل في المسار الذي جعله بعد 62م أهم الشخصيات المؤثرة في الساحة خلال السياسة والعمل الوطني ،وليس القضاء الذي كان سينبغ فيه أيضا في درجة عالية محتملة،لكون ا تسام باطنه بالإخلاص إجمالاً قد أصبح هو المحرك الداخلي لكل التقدم الذي حققه في الساحة،وكان سيحققه في القضاء أيضا.
ولقد كان والد الشهيد هو المعلم الأول، بل ومصدر التأثير الأساسي عليه في فترة الطفولة، بالإضافة إلى الشيوخ الذين تلقى على أيديهم علوم الدين والنحو والتجويد.ثم كان لإشعاع القادم من مصر ،والتنوير الذي قام به الأحرار اليمنيون بعد ذلك ،درو تفعيل روح الإخلاص لديه ومعظم أبناء جيله ،إلى مستوى النزعة الإصلاحية العارمة التي وجدت طريقها في أجواء القيم الايجابية السائدة داخل المجتمع اليمني ،لطبيعة التربية الروحية القائمة في كل بيت داخل اليمن ،على أساس مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومبدأ الغيرة على الحق والدين والوطن التي جعلت المجتمع اليمني بيئة خصبة لنداءات النهضويين من أمثال الشيخ جمال الدين الأفغاني ،وتلميذه محمد عبده التي بصرف النظر عن وصولها المتأخر –أثرت في قادة وعناصر حركة الأحرار اليمنيين منذ ما قبل 48م ، وبيئة خصبة لمحاولة العروبيين الغاضبين كذلك من أوضاع الأمة ظنوا تحديداً وضع اليمن الذي اطلع عليه العديدون من أمثال الشهيد جمال جميل العراقي.
وفي الأخير كان نداء الواقع المأساوي لليمن هو جوهر النظرية السياسية للأحرار وللحمدي بعد ذلك .ومن هنا كان الحمدي – في مجمل تكوينه النفسي والثقافي والوطني –مزيجا من الجذور القانونية والشرعية والإسلامية التي غرسها فيه والده ،وكونت مفردات اعتقاده المبكر ،ومزيجا كذلك من فكر الصحوة للأفغاني في القرن التاسع عشر وفكر الأحرار اليمنيين المعززين بعدالة القضية الوطنية في نهاية النصف الأول للقرن العشرين ،ومنهم زيد الموشكي الذي كان متيماً بجمال الدين والأستاذ البراق سكرتير الأمير إبراهيم الذي استطاع التأثير على هذا العضو الهام ف الأسرة الحاكمة ،ودفعه إلى توجيه الانتقادات العلنية لوالده الإمام يحيى.
وأيضا من هم القضية العربية الذي حملته ثورة 23 يوليو 52م في مصر، وجاذبية الضباط الأحرار بقيادة جمال عبدالناصر ،وعناصر الحركة القومية في العراق وسوريا ولبنان ،التي دفعته نجوميتها بعد ذلك باتجاه القوات المسلحة ،كأداة ضمن ظروف ذلك الوقت ،لتوسيع قاعدة التطبيقات الإصلاحية في المجتمع ، وكان ذلك هو الدافع لدخوله كلية الطيران والتخرج برتبة ملازم في الجيش في نهاية الخمسينات .
ولطبيعة المجتمع اليمني ذي الانفراج النفسي والسياسي الواضح نتيجة القيم الإنسانية السائدة – كما أسلفنا –إضافة الى ما يتمتع به الشهيد من جاذبية في المظهر ،وسلامة المعتقد ،وقوة المنطق فإنه بدأ يشق طريقه بتعاطف واضح من خط القيادة الاول للدولة والجيش ، وبالذات من الفريق حسن العمري ،منذ تولي مهمة التدريس في الكلية الحربية موقع القيادة للواء الاول في بني مطر ضمن عملية المشاركة في الدفاع عن الثورة.. التي شملت قيادته للعمليات في العديد من المناطق حتى أصبح قائداً للمنطقة العسكرية الغربية ، ومساعداً إدارياً للعمري.
أما إيديولوجيا ،فإن كل الحقائق تؤكد عدم اعتناق الحمدي سوى للفكر الاجتماعي المناهض للاستغلال والداعي للعدالة الاجتماعية ،بمعزل عن أية ملحقات مادية تابعة للنظرية السياسية اليسارية.
وثمة مؤشرات دالة على جوهرية الحمدي ،تطرحها عملية المشاركة المبكرة والقوية في الحكم ، الذي جعلته يبدو أكثر حنكة إزاء مجمل العوامل والأدوات السياسية و الفكرية التي اندمجت مع بعضها ضمنياً بما يشبه زاوج المتعة بعد نوفمبر 67م ، الذي جعل البعث يدخل في نوع من التحالف السياسي مع القوى والعناصر اليمنية ،وفي مقدمتها بعض كبار المشايخ ، في ضل معرفة مسبقة لكل الإطراف بنوايا وتخطيط الأخر ،ليؤدي هذا إلى اتساع شهية قوى الإقطاع السياسي المشاركة ،إضافة إلى بداية نشوء ما يمكن تسميته بالعائلية داخل السلطة لبيت الارياني وبيت أو لحوم.
وقد بدأ النوفبيريون يأكلون ،بداية من تصفية الفريق قاسم منصر جسدياً ،ثم الفريق العمري سياسياً ، وهما الحليفان اللذان أدى غيابهما لتعزيز مواقع القاضي الارياني في السلطة، وهي الفترة التي كان قد أصبح الحمدي فيها قائداً لقوات الاحتياط العام، ثم قائداً للمنطقة المركزية ونائباً لرئيس الوزراء أوائل السبعينات . وهنا بدأ التنافس يأخذ أشكالا جيدة بين بيت الارياني وبيت أبو لحوم، النافذين في أهم قوات الجيش،في حين كان يتبوأ شيخهم منصب محافظ الحديدة.
وأيضاُ بدأ الخلاف يتطور بين الارياني ومعسكر الحجري المتحالف مع الاخوان المسلمين والمشايخ ، ثم الدخول في صراع متواصل مع الشيخ الاحمر . وهنا كان البعث يتعامل مع أشخاص مزدوجين داخل السلطة من الذين كانوا يستلمون مرتبات شهرية نقداً بعشرات الآلاف من الدولارات من العراق ، في نفس الوقت الذي كانوا فيه محسوبين في نظر المراقبين السياسيين على السعودية.
يقول الحمدي في حديث صحفي لمراسل مجلة "المصور " المصرية
"إننا بعد البيان العسكري في 72 م ،تعرضنا للاستدراج من قبل السياسيين بغرض الاشتراك في لجنة عليا لمتابعة الاصلاح المالي والاداري المقترح في بياننا ( أي بيان الضباط) وهو العمل الذي سيتم في ظل بقاء نفس العناصر المتسببة في الفساد والجمود ، وكان سيفشل مهمتنا ويعرضنا للاحتراق في ظل التمييع الذي سيتعرض له نشاط اللجنة ،وأيضا مخاطر السقوط لعناصرنا في نفس المستنقع جراء اليأس من عملية الإصلاح في هذه الظروف ،و جراء الإغراء المدروس الذي كان يتورط فيه بعض السياسيين لإفساد العسكريين الشباب ذوي النزعة الاصلاحية الضاغطة".
ومن هنا كان لابد من التفكير في الحل الجذري من موقع القدرة على صناعة القرار الوطني في مستوى القيادة ،لتكون هذه اللحظة هي التي شهدت اختمار فكرة الثورة على الأوضاع في رأس الحمدي.
أما اللحظة البدء في التخطيط ،فقد كانت مفعمة بإحساس عميق لدى كال الشرفاء بضرورة التحرك لإنقاذ البلاد بعد أن وصلت الكراهية بين الفرقاء إلى حد تهديد الأحمر بإحتلال العاصمة لطرد الارياني ، وربما قتله كما قيل ..
وكانت لحظة البداية هذه مطلباً ضمنياً ملحاً لكل الفرقاء في نهاية الامر ، إذا جاز لنا القفز على التعبير الأدق ، وهو أنها تحولت الى ضرورة هي محل تفهم من كل المتصارعين ليكون ذلك اهم المنعطفات في نضال حركة الأحرار اليمنيين ،لكونه شهد اول انتفاضة بيضاء داخل مدرسة الأحرار لم ترق فيه قطرة دم واحدة ، او تجري فيها أية ممارسة تعكس مضموناً انقلابياً بالمعنى المعروف سياسياً ، وإنما كانت محاولة للإنقاذ الوطني لا تختلف عن أية حالة من حالات التداول السلمي للسلطة ، وانتقالاً بالبلاد ضمن مقاييس تلك الاوضاع والظروف ،إلى الديمقراطية المحققة لمصالح اوسع الجماهير في أعلى تطبيقاتها المتزامنه والمتلازمة سياسياً واجتماعياً ، بما يلغي فرص الانتهازيين والطفيليين الطامحين على إجهاض مكاسب الشعب وتحويل العمل السياسي الى إلهاء وتكريس للذاتية المريضة ، وليس اسلوباُ راقياً للتغيير والتطور.
وعلى طريق التصحيح للاوضاع ، وإعادة البلاد الى أجواء السادس والعشرين من سبتمبر 62 م بكل بياض أهدافه النبيلة وأجواء اندفاعاته الجسورة المعززة بآمال المقهورين و أحلامهم المشروعة الخضراء ، بدأت نسائم يونيو تهب نهار اليوم الحادي عشر منه الذي شهد توديع الحمدي لرئيس الاركان المسافر جواً الى عمان .
في هذا الصدد – خاصة فيما يتعلق بحركة يونيو- يقول البحث الصادر في موسكو عن (التطور السياسي في الشطر الشمالي من بلادنا قبل الوحدة) لـ " جلوبو فسكايا إيلينا "
" إن التطور السياسي الذي حصل داخل اليمن الشمالي يومها ،يعود فضله الى إبراهيم الحمدي ، والى فلسفته " ، " وإن الدافع الاساسي لتسلم القوات المسلحة للسلطة ، هو ضعف القيادة السياسية ،حيث بات واضحاُ أن الفساد السياسي ، وعدم قدرتها على اتخاذ الخطوات السريعة و الحاسمة ،جعلاها عاجزة عن معالجة طموح المشايخ الإقليمية ، و الاضطرابات الشعبية المتصاعدة ، ونشاط الوحدات العسكرية بتوجهاتها السياسية المختلفة".
" وفي الواقع فقدت هذه القيادة زمام السيطرة على الوضع في البلاد .. كل تلك العوامل خلقت أرضية مناسبة لتشكيل تحالف جديد بقيادة ممثلي الضباط .. وكما هو معلوم يحتل الجيش في اليمن – تماماً كما هو حال الكثير في غيرها من البلدان حديثة الاستقلال – مكانة متميزة في المجتمع ، نظراً لظروف تخلف التكوينات الاجتماعية السياسية والاقتصادية ، ولغياب الطبقة السائدة اقتصادياً ، والانحسار البطيء في المقومات الاساسية للبنية الإقطاعية – وغياب المنظمات السياسية الجماهيرية ،وسلبية السكان السياسية" وكان الجيش اليمنى مؤهلاً وقادراً على تحمل أعباء المركزية ، من خلال دوره الثابت في عملية مسار تكوين وتشكيل الامة الواحدة.
ويلفت البحث النظر الى أن الدراسات والأبحاث السوفيتية حينها ، التي تتناول قضايا الجيش فش بلدان الشرق النامية ، اشارت الى أن " الجيش في هذه البلدان يلعب دور المؤسسة الحكومية والمنظمة السياسية ذات الطابع الخاص في آن واحد ، فالجيش جزء لا يتجزء من أجهزة الدولة من ناحية ، ومن ناحية أخرى يعتبر الجيش صنفاً من صنوف المنظمات السياسية المتميزة بشكل واضح عن الاحزاب التقليدية ، كمنظمات سياسية لمختلف الطبقات .. وتنطبق هذه الاوصاف والمميزات على جيش اليمن الشمالي. وبانتزاع السلطة السياسية في 13 يونيو 74م ، نهض الجيش كقوة سياسية مركزية ومؤثرة أكثر من غيرها ، ومتميزة عن غيرها ،بصلابة وقوة هيكلها التنظيمي ، وفي ظروف اليمن الشمالي ، وما تتميز به من تخلف سياسي وغياب كامل للمنظمات السياسية ذات البيئة الحزبية تقريباً ، فقد كان الجيش بوضعه السالف الذكر ذا معنى كبير".
وثائق انتقال السلطة في يونيو 74 م من القاضي الارياني إلى الرئيس الحمدي
" أيها الإخوة المواطنون .. اسمحوا لي بأن أتوجه بأسمى وباسم أعضاء مجلس القيادة ،وباسمكم جميعاً ، بالثناء والشكر والتقدير إلى الوالد القاضي عبدالرحمن الارياني ،لما قدمه من أعمال عظيمة وخدمات جليلة للشعب اليمني ، والتي لن ننساها له لن ينساه له التاريخ"
إبراهيم محمد الحمدي
في 13 يونيو 74 م ، اضطرت الفعاليات الوطنية والمؤسسات السيادية التي في مقدمتها القوات المسلحة ، وعلى رأس الجميع الوالد القاضي الرئيس عبدالرحمن الارياني ، إلى حسم الموقف الصعب الناجم عن الأزمة السياسية ، وذلك بتسليم سلطات الرئيس وأعضاء المجلس الجمهوري إلى القوات المسلحة التي اجتمعت ممثلة في القيادة لعامة وكبار الضباط ، و أصدرت بياناً أعلنته إذاعة صنعاء في مساء نفس اليوم ، واستقبله المواطنون بابتهاج وحماس أعاد إلى الأذهان أجواء ليلة الثورة – الخميس 26 سبتمبر 62م هذا نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
" أيها ألإخوة المواطنون ..
في هذه الظروف ن تاريخ مسيرة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة ، وبعد نضال مريم وتضحيات جسيمة قدمها شعبنا وقواته المسلحة وقوات الأمن في سبيل تثبيت النظام الجمهوري ،للوصول من خلاله الى تحقيق العدل والخير والرخاء لهذا الشعب، ومن أجل أن يسهم ويشارك كل مواطن في بناء الوطن وإقامة حكم شورى ديمقراطي ، ليعيش الإنسان اليمني في ظله موفور الكرامة .. آمناً على حياته وحريته و حقوقه..
في هذا الظرف .. أيها الإخوة المواطنون .. وبعد أن أمكن لنا أن نصل إلى شاطئ السلام والاستقرار ، بفضل تلك السياسة الحكيمة التي انتهجتها القيادة السياسية العليا في البلد ،وعلى رأسها سيادة القاضي عبدالرحمن بن يحيى الارياني ، بالتعاون مع كل القيادات والعناصر الوطنية الشريفة من مختلف القطاعات .. تلبد الجو بالغيوم الكثيفة ، وظهر نوع من التباين ي وجهات النظر ، نتج عنه انهيار في الأوضاع ، وفساد مالي وإداري ، وانفلات في الأجهزة والمؤسسات ،الامر ال1ي أدى ، وللاسف الشديد الى ان بعث السادة رئيس و أعضاء المجلس الجمهوري ، امس الخميس ، الثالث والعشرين من جمادي الاولى 1394 م الموافق الثالث عشر من يونيو 74 م .. بعثوا باستقالاتهم ، وذلك الى الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر –رئيس مجلس الشورى – الذي قام به بدوره فبعث باستقالته مع استقالات رئيس واعضاء المجلس الجمهوري الى القيادة العامة للقوات المسلحة .
أيها الاخوة المواطنون..
إن القوات المسلحة وقوات الامن قد واجهت اليوم موضوع استقالتي المجلس الجمهوري ورئيس مجلس الشورى ، بتقدير عال للمسؤولية .. فعقد ضباط القوات المسلحة و الأمن بمقر القيادة العامة ،اجتماعاً موسعاً . وبعد تدارس الموقف من جميع جوانبه ، وما يقتضيه من تحوط ومن يقظة وتحمل للمسؤولية بصبر وايمان بالواجب الوطني، تم التوصل الى تشكيل مجلس قيادة يتكون من سبعة أعضاء برئاسة العقيد إبراهيم الحمدي.
إن المسؤولية قد فرضت على القوات المسلحة فرضاً ، وماكان في حسبانها أن يلقى عليها هذا العبء الكبير ، ولهذا فإنها تدعو جميع المواطنين في كل القطاعات ، وفي جميع أنحاء الجمهورية ، الى التعاون، والى استشعار المسؤولية ، والمحافظة على النظام والامن والاستقرار .
هذا و إننا نحيى بكل فخر واعتزاز شهداءنا الأحرار الذين ضحوا بأرواحهم عبر مراحل النضال اليمني ، والذين خطوا بدمائهم معالم حياة العزة والحرية للشعب اليمني.
كما نحيي شهداء مصر العربية الشقيقة ، الذين وصلوا لمساعدة إخوانهم اليمنيين ، واستشهدوا على ارض اليمن ، تجسيداُ للوحدة العربية والمصير العربي الواحد
أيها الأخوة: إننا نرجو من الله العون ، ونسأله التوفيق لتحقيق ما فيه خير وطننا وسلامته وسيادته واستقلاله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقد بعث الأستاذ أحمد جابر عفيف – وزير التربية والتعليم – بأول رسالة تأييد إلى مجلس القيادة "سيروا بشعبنا اليمني الكريم على طريق الثورة والبناء والتطور وتخليص الوطن من كل مخلفات التأخر والفساد والانفلات .. فسيروا إلى الإمام والله يرعاكم".
وبعث الأستاذ شرف أبو طالب بثاني برقية إلى مجلس القيادة " ما إن سمع الشباب المؤمن بوطنه وأمته نداء الحق من إذاعة صنعاء ، حتى أجمعوا الرأي مؤمنين بهذه الخطوة الحكيمة .. سيروا ونحن من ورائكم"
وأعلنت إذاعة صنعاء أنا مجلس القيادة تلقى رسالة من النقيب سنان أبو لحوم ضمنها استقالته من منصبه كمحافظ لمحافظة الحديدة ، وذلك عن اقتناع منه بضرورة إفساح المجال لعناصر جيدة تشارك في المسؤولية ، كما وعد بأن يبذل أقصى ما لديه من جهد للتعاون مع العهد الجديد في سبيل خدمة الوطن.
وقام الشيخ الأحمر في إطار أسلوبه المعروف بسياسة الجزرة والعصا مع خصومه بتجميع مشايخ القبائل الذين اجتمع بهم الحمدي في 15 يونيو في المعمر ، وأعلنوا تأييدهم ومباركتهم للوضع الجديد بكل ما يخدم مصالح اليمن ويحافظ على سيادته وأمنه واستقراره .
ومن القاهرة أبرق الفريق حسن العمري بالعبارات التالية " إلى العقيد إبراهيم الحمدي رئيس مجلس القيادة –صنعاء قلوبنا معكم والله يوفقكم "
ومن بيروت أبرق أحمد محمد الشامي بالعبارات التالية :" القائد الشجاع الحمدي وإخوانه الأبطال -صنعاء –اليمن .. شجاعتكم و إخلاصكم ووطنيتكم ستذلل المصاعب .. بارك الله خطاكم وثبت إقدامكم "
ومن بيروت أيضا هذه البرقية:
"الأخ العقيد إبراهيم الحمدي –صنعاء
ندعو الله أن يوفقكم لخدمة وخير الشعب اليمني .. أخوكم الشريف قائد بن حسين الهبيلى"
بالإضافة إلى البرقية الجميلة التي بعثها الطلاب اليمنيون بالقاهرة ، ومئات البرقيات الأخرى
وكان لنشأة الحمدي في مناخ الطبقة المتوسطة دور في التفاعل مع القضايا الوطنية والعربية والإسلامية والإنسانية من خلال القابلية النفسية والذهنية التي يتسم بها المتوسطون اجتماعيا إزاء علمية النهضة والتغير إجمالاً.
ويقول المطلعون على تفاصيل فترة طفولته، انه كان نابغاً بوضوح جعل والده يتوقع له شأنا عظيماً، ويعامله بأسلوب مختلف جعل أقربائه يستعدون قصة يوسف الصديق وأخونه مع أبيهم يعقوب ابن إسحاق عليه السلام.
ولذلك فإنني أعتقد بأن الثورة السبتمبرية قد ساعدت على حدوث جملة من التحولات في داخل الشهيد بالشكل الذي كان بدون قيامها –أي الثورة سيجعل إبراهيم الحمدي يرث القضاء عن أبيه ولا يدخل في المسار الذي جعله بعد 62م أهم الشخصيات المؤثرة في الساحة خلال السياسة والعمل الوطني ،وليس القضاء الذي كان سينبغ فيه أيضا في درجة عالية محتملة،لكون ا تسام باطنه بالإخلاص إجمالاً قد أصبح هو المحرك الداخلي لكل التقدم الذي حققه في الساحة،وكان سيحققه في القضاء أيضا.
ولقد كان والد الشهيد هو المعلم الأول، بل ومصدر التأثير الأساسي عليه في فترة الطفولة، بالإضافة إلى الشيوخ الذين تلقى على أيديهم علوم الدين والنحو والتجويد.ثم كان لإشعاع القادم من مصر ،والتنوير الذي قام به الأحرار اليمنيون بعد ذلك ،درو تفعيل روح الإخلاص لديه ومعظم أبناء جيله ،إلى مستوى النزعة الإصلاحية العارمة التي وجدت طريقها في أجواء القيم الايجابية السائدة داخل المجتمع اليمني ،لطبيعة التربية الروحية القائمة في كل بيت داخل اليمن ،على أساس مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومبدأ الغيرة على الحق والدين والوطن التي جعلت المجتمع اليمني بيئة خصبة لنداءات النهضويين من أمثال الشيخ جمال الدين الأفغاني ،وتلميذه محمد عبده التي بصرف النظر عن وصولها المتأخر –أثرت في قادة وعناصر حركة الأحرار اليمنيين منذ ما قبل 48م ، وبيئة خصبة لمحاولة العروبيين الغاضبين كذلك من أوضاع الأمة ظنوا تحديداً وضع اليمن الذي اطلع عليه العديدون من أمثال الشهيد جمال جميل العراقي.
وفي الأخير كان نداء الواقع المأساوي لليمن هو جوهر النظرية السياسية للأحرار وللحمدي بعد ذلك .ومن هنا كان الحمدي – في مجمل تكوينه النفسي والثقافي والوطني –مزيجا من الجذور القانونية والشرعية والإسلامية التي غرسها فيه والده ،وكونت مفردات اعتقاده المبكر ،ومزيجا كذلك من فكر الصحوة للأفغاني في القرن التاسع عشر وفكر الأحرار اليمنيين المعززين بعدالة القضية الوطنية في نهاية النصف الأول للقرن العشرين ،ومنهم زيد الموشكي الذي كان متيماً بجمال الدين والأستاذ البراق سكرتير الأمير إبراهيم الذي استطاع التأثير على هذا العضو الهام ف الأسرة الحاكمة ،ودفعه إلى توجيه الانتقادات العلنية لوالده الإمام يحيى.
وأيضا من هم القضية العربية الذي حملته ثورة 23 يوليو 52م في مصر، وجاذبية الضباط الأحرار بقيادة جمال عبدالناصر ،وعناصر الحركة القومية في العراق وسوريا ولبنان ،التي دفعته نجوميتها بعد ذلك باتجاه القوات المسلحة ،كأداة ضمن ظروف ذلك الوقت ،لتوسيع قاعدة التطبيقات الإصلاحية في المجتمع ، وكان ذلك هو الدافع لدخوله كلية الطيران والتخرج برتبة ملازم في الجيش في نهاية الخمسينات .
ولطبيعة المجتمع اليمني ذي الانفراج النفسي والسياسي الواضح نتيجة القيم الإنسانية السائدة – كما أسلفنا –إضافة الى ما يتمتع به الشهيد من جاذبية في المظهر ،وسلامة المعتقد ،وقوة المنطق فإنه بدأ يشق طريقه بتعاطف واضح من خط القيادة الاول للدولة والجيش ، وبالذات من الفريق حسن العمري ،منذ تولي مهمة التدريس في الكلية الحربية موقع القيادة للواء الاول في بني مطر ضمن عملية المشاركة في الدفاع عن الثورة.. التي شملت قيادته للعمليات في العديد من المناطق حتى أصبح قائداً للمنطقة العسكرية الغربية ، ومساعداً إدارياً للعمري.
أما إيديولوجيا ،فإن كل الحقائق تؤكد عدم اعتناق الحمدي سوى للفكر الاجتماعي المناهض للاستغلال والداعي للعدالة الاجتماعية ،بمعزل عن أية ملحقات مادية تابعة للنظرية السياسية اليسارية.
وثمة مؤشرات دالة على جوهرية الحمدي ،تطرحها عملية المشاركة المبكرة والقوية في الحكم ، الذي جعلته يبدو أكثر حنكة إزاء مجمل العوامل والأدوات السياسية و الفكرية التي اندمجت مع بعضها ضمنياً بما يشبه زاوج المتعة بعد نوفمبر 67م ، الذي جعل البعث يدخل في نوع من التحالف السياسي مع القوى والعناصر اليمنية ،وفي مقدمتها بعض كبار المشايخ ، في ضل معرفة مسبقة لكل الإطراف بنوايا وتخطيط الأخر ،ليؤدي هذا إلى اتساع شهية قوى الإقطاع السياسي المشاركة ،إضافة إلى بداية نشوء ما يمكن تسميته بالعائلية داخل السلطة لبيت الارياني وبيت أو لحوم.
وقد بدأ النوفبيريون يأكلون ،بداية من تصفية الفريق قاسم منصر جسدياً ،ثم الفريق العمري سياسياً ، وهما الحليفان اللذان أدى غيابهما لتعزيز مواقع القاضي الارياني في السلطة، وهي الفترة التي كان قد أصبح الحمدي فيها قائداً لقوات الاحتياط العام، ثم قائداً للمنطقة المركزية ونائباً لرئيس الوزراء أوائل السبعينات . وهنا بدأ التنافس يأخذ أشكالا جيدة بين بيت الارياني وبيت أبو لحوم، النافذين في أهم قوات الجيش،في حين كان يتبوأ شيخهم منصب محافظ الحديدة.
وأيضاُ بدأ الخلاف يتطور بين الارياني ومعسكر الحجري المتحالف مع الاخوان المسلمين والمشايخ ، ثم الدخول في صراع متواصل مع الشيخ الاحمر . وهنا كان البعث يتعامل مع أشخاص مزدوجين داخل السلطة من الذين كانوا يستلمون مرتبات شهرية نقداً بعشرات الآلاف من الدولارات من العراق ، في نفس الوقت الذي كانوا فيه محسوبين في نظر المراقبين السياسيين على السعودية.
يقول الحمدي في حديث صحفي لمراسل مجلة "المصور " المصرية
"إننا بعد البيان العسكري في 72 م ،تعرضنا للاستدراج من قبل السياسيين بغرض الاشتراك في لجنة عليا لمتابعة الاصلاح المالي والاداري المقترح في بياننا ( أي بيان الضباط) وهو العمل الذي سيتم في ظل بقاء نفس العناصر المتسببة في الفساد والجمود ، وكان سيفشل مهمتنا ويعرضنا للاحتراق في ظل التمييع الذي سيتعرض له نشاط اللجنة ،وأيضا مخاطر السقوط لعناصرنا في نفس المستنقع جراء اليأس من عملية الإصلاح في هذه الظروف ،و جراء الإغراء المدروس الذي كان يتورط فيه بعض السياسيين لإفساد العسكريين الشباب ذوي النزعة الاصلاحية الضاغطة".
ومن هنا كان لابد من التفكير في الحل الجذري من موقع القدرة على صناعة القرار الوطني في مستوى القيادة ،لتكون هذه اللحظة هي التي شهدت اختمار فكرة الثورة على الأوضاع في رأس الحمدي.
أما اللحظة البدء في التخطيط ،فقد كانت مفعمة بإحساس عميق لدى كال الشرفاء بضرورة التحرك لإنقاذ البلاد بعد أن وصلت الكراهية بين الفرقاء إلى حد تهديد الأحمر بإحتلال العاصمة لطرد الارياني ، وربما قتله كما قيل ..
وكانت لحظة البداية هذه مطلباً ضمنياً ملحاً لكل الفرقاء في نهاية الامر ، إذا جاز لنا القفز على التعبير الأدق ، وهو أنها تحولت الى ضرورة هي محل تفهم من كل المتصارعين ليكون ذلك اهم المنعطفات في نضال حركة الأحرار اليمنيين ،لكونه شهد اول انتفاضة بيضاء داخل مدرسة الأحرار لم ترق فيه قطرة دم واحدة ، او تجري فيها أية ممارسة تعكس مضموناً انقلابياً بالمعنى المعروف سياسياً ، وإنما كانت محاولة للإنقاذ الوطني لا تختلف عن أية حالة من حالات التداول السلمي للسلطة ، وانتقالاً بالبلاد ضمن مقاييس تلك الاوضاع والظروف ،إلى الديمقراطية المحققة لمصالح اوسع الجماهير في أعلى تطبيقاتها المتزامنه والمتلازمة سياسياً واجتماعياً ، بما يلغي فرص الانتهازيين والطفيليين الطامحين على إجهاض مكاسب الشعب وتحويل العمل السياسي الى إلهاء وتكريس للذاتية المريضة ، وليس اسلوباُ راقياً للتغيير والتطور.
وعلى طريق التصحيح للاوضاع ، وإعادة البلاد الى أجواء السادس والعشرين من سبتمبر 62 م بكل بياض أهدافه النبيلة وأجواء اندفاعاته الجسورة المعززة بآمال المقهورين و أحلامهم المشروعة الخضراء ، بدأت نسائم يونيو تهب نهار اليوم الحادي عشر منه الذي شهد توديع الحمدي لرئيس الاركان المسافر جواً الى عمان .
في هذا الصدد – خاصة فيما يتعلق بحركة يونيو- يقول البحث الصادر في موسكو عن (التطور السياسي في الشطر الشمالي من بلادنا قبل الوحدة) لـ " جلوبو فسكايا إيلينا "
" إن التطور السياسي الذي حصل داخل اليمن الشمالي يومها ،يعود فضله الى إبراهيم الحمدي ، والى فلسفته " ، " وإن الدافع الاساسي لتسلم القوات المسلحة للسلطة ، هو ضعف القيادة السياسية ،حيث بات واضحاُ أن الفساد السياسي ، وعدم قدرتها على اتخاذ الخطوات السريعة و الحاسمة ،جعلاها عاجزة عن معالجة طموح المشايخ الإقليمية ، و الاضطرابات الشعبية المتصاعدة ، ونشاط الوحدات العسكرية بتوجهاتها السياسية المختلفة".
" وفي الواقع فقدت هذه القيادة زمام السيطرة على الوضع في البلاد .. كل تلك العوامل خلقت أرضية مناسبة لتشكيل تحالف جديد بقيادة ممثلي الضباط .. وكما هو معلوم يحتل الجيش في اليمن – تماماً كما هو حال الكثير في غيرها من البلدان حديثة الاستقلال – مكانة متميزة في المجتمع ، نظراً لظروف تخلف التكوينات الاجتماعية السياسية والاقتصادية ، ولغياب الطبقة السائدة اقتصادياً ، والانحسار البطيء في المقومات الاساسية للبنية الإقطاعية – وغياب المنظمات السياسية الجماهيرية ،وسلبية السكان السياسية" وكان الجيش اليمنى مؤهلاً وقادراً على تحمل أعباء المركزية ، من خلال دوره الثابت في عملية مسار تكوين وتشكيل الامة الواحدة.
ويلفت البحث النظر الى أن الدراسات والأبحاث السوفيتية حينها ، التي تتناول قضايا الجيش فش بلدان الشرق النامية ، اشارت الى أن " الجيش في هذه البلدان يلعب دور المؤسسة الحكومية والمنظمة السياسية ذات الطابع الخاص في آن واحد ، فالجيش جزء لا يتجزء من أجهزة الدولة من ناحية ، ومن ناحية أخرى يعتبر الجيش صنفاً من صنوف المنظمات السياسية المتميزة بشكل واضح عن الاحزاب التقليدية ، كمنظمات سياسية لمختلف الطبقات .. وتنطبق هذه الاوصاف والمميزات على جيش اليمن الشمالي. وبانتزاع السلطة السياسية في 13 يونيو 74م ، نهض الجيش كقوة سياسية مركزية ومؤثرة أكثر من غيرها ، ومتميزة عن غيرها ،بصلابة وقوة هيكلها التنظيمي ، وفي ظروف اليمن الشمالي ، وما تتميز به من تخلف سياسي وغياب كامل للمنظمات السياسية ذات البيئة الحزبية تقريباً ، فقد كان الجيش بوضعه السالف الذكر ذا معنى كبير".
وثائق انتقال السلطة في يونيو 74 م من القاضي الارياني إلى الرئيس الحمدي
" أيها الإخوة المواطنون .. اسمحوا لي بأن أتوجه بأسمى وباسم أعضاء مجلس القيادة ،وباسمكم جميعاً ، بالثناء والشكر والتقدير إلى الوالد القاضي عبدالرحمن الارياني ،لما قدمه من أعمال عظيمة وخدمات جليلة للشعب اليمني ، والتي لن ننساها له لن ينساه له التاريخ"
إبراهيم محمد الحمدي
في 13 يونيو 74 م ، اضطرت الفعاليات الوطنية والمؤسسات السيادية التي في مقدمتها القوات المسلحة ، وعلى رأس الجميع الوالد القاضي الرئيس عبدالرحمن الارياني ، إلى حسم الموقف الصعب الناجم عن الأزمة السياسية ، وذلك بتسليم سلطات الرئيس وأعضاء المجلس الجمهوري إلى القوات المسلحة التي اجتمعت ممثلة في القيادة لعامة وكبار الضباط ، و أصدرت بياناً أعلنته إذاعة صنعاء في مساء نفس اليوم ، واستقبله المواطنون بابتهاج وحماس أعاد إلى الأذهان أجواء ليلة الثورة – الخميس 26 سبتمبر 62م هذا نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
" أيها ألإخوة المواطنون ..
في هذه الظروف ن تاريخ مسيرة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة ، وبعد نضال مريم وتضحيات جسيمة قدمها شعبنا وقواته المسلحة وقوات الأمن في سبيل تثبيت النظام الجمهوري ،للوصول من خلاله الى تحقيق العدل والخير والرخاء لهذا الشعب، ومن أجل أن يسهم ويشارك كل مواطن في بناء الوطن وإقامة حكم شورى ديمقراطي ، ليعيش الإنسان اليمني في ظله موفور الكرامة .. آمناً على حياته وحريته و حقوقه..
في هذا الظرف .. أيها الإخوة المواطنون .. وبعد أن أمكن لنا أن نصل إلى شاطئ السلام والاستقرار ، بفضل تلك السياسة الحكيمة التي انتهجتها القيادة السياسية العليا في البلد ،وعلى رأسها سيادة القاضي عبدالرحمن بن يحيى الارياني ، بالتعاون مع كل القيادات والعناصر الوطنية الشريفة من مختلف القطاعات .. تلبد الجو بالغيوم الكثيفة ، وظهر نوع من التباين ي وجهات النظر ، نتج عنه انهيار في الأوضاع ، وفساد مالي وإداري ، وانفلات في الأجهزة والمؤسسات ،الامر ال1ي أدى ، وللاسف الشديد الى ان بعث السادة رئيس و أعضاء المجلس الجمهوري ، امس الخميس ، الثالث والعشرين من جمادي الاولى 1394 م الموافق الثالث عشر من يونيو 74 م .. بعثوا باستقالاتهم ، وذلك الى الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر –رئيس مجلس الشورى – الذي قام به بدوره فبعث باستقالته مع استقالات رئيس واعضاء المجلس الجمهوري الى القيادة العامة للقوات المسلحة .
أيها الاخوة المواطنون..
إن القوات المسلحة وقوات الامن قد واجهت اليوم موضوع استقالتي المجلس الجمهوري ورئيس مجلس الشورى ، بتقدير عال للمسؤولية .. فعقد ضباط القوات المسلحة و الأمن بمقر القيادة العامة ،اجتماعاً موسعاً . وبعد تدارس الموقف من جميع جوانبه ، وما يقتضيه من تحوط ومن يقظة وتحمل للمسؤولية بصبر وايمان بالواجب الوطني، تم التوصل الى تشكيل مجلس قيادة يتكون من سبعة أعضاء برئاسة العقيد إبراهيم الحمدي.
إن المسؤولية قد فرضت على القوات المسلحة فرضاً ، وماكان في حسبانها أن يلقى عليها هذا العبء الكبير ، ولهذا فإنها تدعو جميع المواطنين في كل القطاعات ، وفي جميع أنحاء الجمهورية ، الى التعاون، والى استشعار المسؤولية ، والمحافظة على النظام والامن والاستقرار .
هذا و إننا نحيى بكل فخر واعتزاز شهداءنا الأحرار الذين ضحوا بأرواحهم عبر مراحل النضال اليمني ، والذين خطوا بدمائهم معالم حياة العزة والحرية للشعب اليمني.
كما نحيي شهداء مصر العربية الشقيقة ، الذين وصلوا لمساعدة إخوانهم اليمنيين ، واستشهدوا على ارض اليمن ، تجسيداُ للوحدة العربية والمصير العربي الواحد
أيها الأخوة: إننا نرجو من الله العون ، ونسأله التوفيق لتحقيق ما فيه خير وطننا وسلامته وسيادته واستقلاله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقد بعث الأستاذ أحمد جابر عفيف – وزير التربية والتعليم – بأول رسالة تأييد إلى مجلس القيادة "سيروا بشعبنا اليمني الكريم على طريق الثورة والبناء والتطور وتخليص الوطن من كل مخلفات التأخر والفساد والانفلات .. فسيروا إلى الإمام والله يرعاكم".
وبعث الأستاذ شرف أبو طالب بثاني برقية إلى مجلس القيادة " ما إن سمع الشباب المؤمن بوطنه وأمته نداء الحق من إذاعة صنعاء ، حتى أجمعوا الرأي مؤمنين بهذه الخطوة الحكيمة .. سيروا ونحن من ورائكم"
وأعلنت إذاعة صنعاء أنا مجلس القيادة تلقى رسالة من النقيب سنان أبو لحوم ضمنها استقالته من منصبه كمحافظ لمحافظة الحديدة ، وذلك عن اقتناع منه بضرورة إفساح المجال لعناصر جيدة تشارك في المسؤولية ، كما وعد بأن يبذل أقصى ما لديه من جهد للتعاون مع العهد الجديد في سبيل خدمة الوطن.
وقام الشيخ الأحمر في إطار أسلوبه المعروف بسياسة الجزرة والعصا مع خصومه بتجميع مشايخ القبائل الذين اجتمع بهم الحمدي في 15 يونيو في المعمر ، وأعلنوا تأييدهم ومباركتهم للوضع الجديد بكل ما يخدم مصالح اليمن ويحافظ على سيادته وأمنه واستقراره .
ومن القاهرة أبرق الفريق حسن العمري بالعبارات التالية " إلى العقيد إبراهيم الحمدي رئيس مجلس القيادة –صنعاء قلوبنا معكم والله يوفقكم "
ومن بيروت أبرق أحمد محمد الشامي بالعبارات التالية :" القائد الشجاع الحمدي وإخوانه الأبطال -صنعاء –اليمن .. شجاعتكم و إخلاصكم ووطنيتكم ستذلل المصاعب .. بارك الله خطاكم وثبت إقدامكم "
ومن بيروت أيضا هذه البرقية:
"الأخ العقيد إبراهيم الحمدي –صنعاء
ندعو الله أن يوفقكم لخدمة وخير الشعب اليمني .. أخوكم الشريف قائد بن حسين الهبيلى"
بالإضافة إلى البرقية الجميلة التي بعثها الطلاب اليمنيون بالقاهرة ، ومئات البرقيات الأخرى
مواضيع مماثلة
» أزياء المرأة اليمنية من كل مدن اليمن
» إسقاط هلكوبتر على يد المجاهدين في طالبان الله أكبر الله أكبر
» القائد جمال عبدالناصرحسين(مصر)
» الشهيد صدام حسين (العراق)
» عدنان بلاونة/نابلس/فلسطين / يرثي القائد صدام حسين
» إسقاط هلكوبتر على يد المجاهدين في طالبان الله أكبر الله أكبر
» القائد جمال عبدالناصرحسين(مصر)
» الشهيد صدام حسين (العراق)
» عدنان بلاونة/نابلس/فلسطين / يرثي القائد صدام حسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى