المراة العربية بين الاصالة والمعاصرة
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المراة العربية بين الاصالة والمعاصرة
بقلم: وفاء مشهور
تعتمد التربية الإسلامية أساسًا في بناء وإعداد شخصية المسلم على الأصالة في مبادئها ومناهجها وأساليبها.
ولم يتلقَّ علماء الإسلام عبر العصور المتعاقبة أسس بناء الإفراد من غيرهم، وإنما استمدُّوها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي نفس الوقت لم يكونوا سلبيين إزاء الحضارات الأخرى؛ حيث أخذوا منها ما يتلاءم مع أوضاعهم وَفق حاجاتهم، بعد أن صبغوها بطابعهم الخاص.
ولقد وجدنا أن الإمام الغزالي يدعو إلى الأخذ من العلوم الأجنبية بما يتفق مع تعاليم الإسلام، وجاء بعده علماء كثيرون تكلَّموا عن أهمية الانفتاح على المجتمع من أجل نشر دعوة الله، إلا أنه بدلاً من أن نؤثِّر فيه ذاب البعض وسط زحام من الموروثات القديمة ووافد معاصر، إلى أن اختلطت الأمور؛ ولهذا فإننا نتبنَّى قضية المرأة بين الأصالة والمعاصرة من أجل:
- الوقوف على الأصول والثوابت الشرعية الخاصة بالمرأة في كل أمور حياتها.
- توضيح المراد بالأصالة والمعاصرة.
- الحرص على إعداد نماذج نسائية مسلمة متميزة تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
لقد شهدت الساحة العربية والإسلامية توتراتٍ شديدةً بين ثنائيات عديدة مترادفات لمعنى واحد: التقليد والتجديد، المحافظة والتحديث، الجمود والتحرر، الرجعية والتقدمية، الأنا والآخر، الداخل والخارج، المحلي والعالمي، القديم والجديد، التراث والحداثة، ومنها الأصالة والمعاصرة.
ووُجدت منذ عصر النهضة- وتوجد الآن- في المجتمع الإسلامي أقلية تدعو تصريحًا أو تلميحًا إلى تقليد الغرب جملةً وتفصيلاً؛ بهدف الخروج من وضعنا البئيس.
إننا نستطيع أن نمزج بين الأصالة والمعاصرة، فنتمسَّك بأصول ومبادئ ثقافتنا ونقدِّر قيمتها ودورها في تكويننا النفسي والاجتماعي، وأن نقبل على الثقافة المعاصرة فنقتبس من ثقافات الآخرين ما تحتاج إليه ثقافتنا؛ لتحقِّق معاصرتها ومواكبة الثقافات الأخرى، ولا سيما في ميدان العلوم والتقنية والعلوم المستحدثة في السنوات الخمسين الأخيرة؛ فالمواءمة بين الموروث والجديد يحفظ للأمة هويتها ويجدِّد قدرتها على النماء والتطور.
|
لقد أكرمنا الله بنعمة الإسلام، وأعطانا- كنساء- كثيرًا من الحقوق والواجبات لم تحصل عليها امرأةٌ في أي مكان أو ديانة أخرى، وهذه الحقوق والواجبات تعطيكِ حق التمسك بتعاليم الإسلام والالتزام به، والذي هو طريق السعادة في الدنيا والآخرة؛ لأن الإسلام ليس نظريات، ولكنه سلوك ومواقف مؤثرة في واقع الحياة.
ولقد عجزت كل النظم الموجودة عن علاج حالة الاضطراب والفساد التي وصل إليها المجتمع؛ حيث اختلطت المفاهيم بموروثات قديمة ووافد معاصر، وتبدَّلت الأفكار، حتى أصبح البعض يعاني من عدم تمييز الحق عن الباطل ومعرفة الأصيل من الدخيل، والثابت من المتغير؛ مما نتج منه ضياع الهوية الإيمانية والشخصية الإسلامية، حتى أصبحت شخصية إمِّعة في الغالب، فأفقدتنا التميز والخيرية، وأورثتنا التبعية الذليلة.
وطبعًا.. أخطر ما يصيب المسلم في حياته أن تلتبس عليه الأمور، وتختلط أمامه الحقائق والمفاهيم وتتبدَّل معاني المصطلحات، فإذا به يرى الحلال حرامًا والحرام حلالاً، والحق باطلاً والباطل حقًّا، والمعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والصواب خطأً والخطأ صوابًا، فلا يعرف لدينه حدودًا يقف عندها ولا أصولاً يتمسك بها ولا ثوابت يدافع عنها ولا مبادئ يضحِّي من أجلها، فيضطرب سلوكه وتنمحي شخصيته الأخلاقية والإسلامية.
أمثلة عن المرأة.. الطفل.. البيت
وبالتالي فقدنا القدوة الصالحة ليقتديَ بها الآخرين؛ فلم يَعُد الإسلام يمثِّل واقعًا في حياتهم، فيظهر جمال التشريع وطيب الأخلاق وحسن التعامل.
ومن هنا كان لا بد للمسلمين لكي يحقِّقوا ما أراد الله أن تتضح أمامهم الأصول والثوابت الشرعية، فتصبح منهجًا شاملاً متكاملاً يُواجَه به التحديات، وندعو به أهل هذا العصر باللغة التي يفهمها، وبالأسلوب الذي يقنعه ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)﴾ (المائدة).
فالفهم الصحيح للإسلام له أهمية؛ فعليه يُبنَى العمل، ويقوم السلوك، والفهم هو العلم، وهو قبل الإيمان والعمل.
إن جانبًا كبيرًا من أزمات الجيل الحاضر لا تكمن في الإخلاص أو الحماس أو العواطف في فعل الخيرات، إنما ترتكز على الفهم الصحيح للإسلام، والموازنة بين الاتباع والإبداع.
فالاتباع من خلال الارتباط بالسلف الصالح الذين تلقَّوا هذا الوحي وفهموه حق الفهم، فأحسنوا التطبيق والتزموا به.
صحيحٌ أن هناك صحوة إسلامية، إلا أنه ينقصها عمق الفهم الصحيح للإسلام، وكذلك فقه الأولويات؛ فكثيرًا ما يُهتَم بالفروع قبل الأصول، وبالجزئيات قبل الكليات؛ فنرى ملايين يعتمرون كل عام في رمضان وغيره ولو جمع كل ما ينفقونه في هذه النوافل لوصل إلى الملايين، ونحن نلهث لمساعدة إخواننا في فلسطين!.
ورغم انتشار الصحوة بين المثقَّفين من الشباب، إلى أنه ما زال هناك من يجهل فقه الأولويات أو يفهمه فهمًا مبتورًا؛ نتيجةً للرواسب القديمة أو الوافد الجديد.
ما زال البعض يؤمن بالخرافات ويقرأ الحظ، وما زال البعض يظن أنه مسلم حقًّا وهو يقبل الحكم بغير شريعة الله، فيحصر الإسلام في العلاقة بين المرء وربه، أما الحياة ونظامها، والثقافة وتياراتها، والتعليم ومناهجه، والاقتصاد وتطبيقاته، ونظام الأسرة وما دخل عليها.. أين هو من هذا؟!
الأصالة والمعاصرة من الكلمات التي كَثُر الحديث عنها والدعوة إليها في العصر الحاضر، وما من شيء أخطر على المرأة من أن تلتبس سماتها الأساسية أو يلابس خصائصَها غموضٌ أو اضطرابٌ.
ويُقصد بالأصالة: "المحافظة على سمت المرأة باستنادها إلى الأصول والأدلة الشرعية، والتمسك بمبادئها الأساسية".
والمعاصرة هي: "تكافؤ المرأة المسلمة مع العصر الذي تعيش فيه بحيث تتفاعل مع واقعه ومتطلباته".
ماذا تعني المعاصرة؟
إن المعاصرة تعني أن يعيش الإنسان في عصره وزمانه، ومع أهله الأحياء؛ يفكِّر كما يفكِّرون، ويعمل كما يعملون، ويقتضي ذلك ما يلي:
|
1- ضرورة معرفة العصر:
أي أن نعرف "العصر" الذي نعيش فيه معرفةً دقيقةً وصادقةً؛ فإن الجهل بالعصر يؤدي إلى عواقب وخيمة، وهذا ما دفع أحد المفكِّرين إلى القول: إن المشكلة ليست في جهلنا بالإسلام، بل المشكلة في جهلنا بالعصر!، والجهل بالعصر سمة مشتركة بين دعاة الأصالة ودعاة المعاصرة.
المطلوب- إذن- أن تعيش المرأة في حاضرها، منطلقةً إلى مستقبلها، ولكي تحسن العَيْش في حاضرها وزمانها (عصرها) ينبغي أن تعرفه حتى تتعامل معه على بصيرة.
وكلمة اللسان الواردة في الآية: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ (إبراهيم: من الآية 4)، يفهم منها اللغة ويفهم منها طبيعة العصر.
ولا تتم معرفة الواقع على ما هو عليه حقيقةً إلا بمعرفة العناصر الفاعلة فيه، والموجِّهة له والمؤثرة في تكوينه وتلوينه، سواء أكانت عناصر مادية أم معنوية، بشرية أم غير بشرية، ومنها عناصر جغرافية وتاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية وفكرية وروحية.
عصرنا.. بين الإيجابيات والسلبيات
إنه عصر الإيجابيات: عصر العلم والتكنولوجيا.. عصر الحرية وحقوق الإنسان واستقلال الشعوب.. عصر السرعة والقوة والتغيرات السريعة والتطورات الهائلة.. عصر الاتحاد والتكتلات الكبيرة.. عصر التخطيط والتنظيم لا الارتجالية والفوضى والتواكل.. عصر اقتحام المستقبل، وعدم الاكتفاء بالحاضر، فضلاً عن الانكفاء على الماضي.
وهو أيضًا عصر السلبيات: عصر غلبة المادية والنفعية.. عصر تدليل الإنسان بإشباع شهواته.. عصر التلوث بكل مظاهره.. عصر الوسائل والآلات، لا المقاصد والغايات.. عصر القلق والأمراض النفسية والتمزقات الاجتماعية.
والناس قسمان حيال العصر: منهم من يهرب منه إلى الماضي؛ خوفًا منه بدلاً من المواجهة، ومنهم من يندمج فيه إلى حد الذوبان، والخير في الوسط؛ حين نستعمل إرادتنا واختيارنا أمام هذه المؤثرات لنأخذ ما ينفعنا وندع ما يضرنا.
2- العلم والتكنولوجيا:
إن أصالتنا لا تمنعنا من أخذ هذا العلم والاقتباس منه والانتفاع به، بل هي تُوجِب علينا ذلك إيجابًا.
إن التكنولوجيا لا تُشتَرى شراءً؛ فتلك التي تُشتَرى لا تُطوِّر المجتمع؛ فهي تساعد على الاستهلاك لا الإنتاج، والتقليد لا الاتباع.
إن التكنولوجيا يجب أن تنبت عندنا، وأن تتفاعل مع واقعنا، وأن نحملها نحن، ولا يظنَّنَّ ظانٌّ أن ما نملكه اليوم من أجهزة ومعدات يجعلنا عصريين.
فهل تتعامل المرأة مع التكنولوجيا الحديثة بثقافة المستهلك أم بثقافة المنتج؟؛ ابتداءً من وسائل الاتصال الحديثة، ووسائل الإعلام، والإنترنت، والأجهزة الحديثة التي يسَّرت الكثير من الأعمال الحياتية.
3- العناية بحقوق المرأة والطفل:
يصوِّر كثيرٌ من الباحثين أن حقوق المرأة والطفل نبتٌ غربي؛ لم يكن قبلاً في الأمم السابقة، والحقيقة أن هذه نظرة مبتسرة قاصرة.
إن الأمة الإسلامية قد عرفت حقوق المرأة والطفل منذ فجر الإسلام بمصدريه القرآن والسنة، من قيم ومبادئ تعترف للبشر بحقوقهم كاملة غير منقوصة.
لقد شمل الإسلام حقوق الإنسان الشخصية الذاتية والفكرية والسياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية، وأكد المساواة والحريات العامة المتنوعة.
وقد شمل الإسلام حقوق البشر بأنواعهم: الرجال والنساء والأطفال، وشمل المسلمين وغير المسلمين في داخل الدولة الإسلامية وخارجها، وضمن الإسلام واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يعني إحقاق الحق ومقاومة البغي، وجعله فرضًا على الفرد والجماعة والدولة.
وقد شرع الإسلام الجهاد لحماية حقوق الإنسان، ومنع استضعافه، والبغي على ذاته وحقوقه: ﴿وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ (النساء: من الآية 75).
ضوابط الأصالة والمعاصرة
لا بد من التعرف على ضوابط الكلمتين؛ حتى لا يُساء فهمهما فتقع شخصية المرأة المسلمة رهن الجمود أو تقع في التنازلات والتجاوزات؛ فليست الأصالة تحجرًا في العقول، وليست المعاصرة أيضًا ميوعةً في المواقف ولا ذوبانًا في الشخصية.
ومن أهم هذه الضوابط:
1- المحافظة على الأصول الشرعية محافظةً تامةً، والتمسك بالسنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين والعض عليها بالنواجذ ﴿وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ (الحشر: من الآية 7).
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغةً وَجِلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله.. كأنها موعظة مُودِّع، فأوصنا، قال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمَّر عليكم عبد، وإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة" (رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
والاتباع والتأسيَ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم، يشمل أقوالهم وأفعالهم، كما يشمل سيرتهم العملية ومناهجهم التطبيقية، والاتباع في المناهج والأساليب مُقدَّم في الأهمية على الاتباع في الأقوال والأحكام.
فالمرأة لا بد أن تتمسَّك بالأصول الشرعية في جميع أدوارها في الحياة كأمٍّ وزوجةٍ وابنةٍ وأختٍ ومرأةٍ عاملةٍ:
أ- الأم: من ضوابط المعاصرة أن تمارس الأم تربية النشء تربية صحيحة نابعة من ميزان الشرع: الكتاب والسنة.
ب- الزوجة: أن تفهم دورها الرئيس كزوجةٍ محافظةٍ على بيتها، مدركة لفقه الأولويات، ومعنى قوامة الرجل.
ج- الابنة: الحرية المطلقة.
خواطر متجددة حول الحجاب
يُعدُّ الحجاب تحضُّرًا؛ لأنه يعبِّر عن واقع ملموس في حياتنا؛ فالمرأة أو الفتاة المحجَّبة تعبِّر بحجابها عن سموٍّ ذاتيٍّ عن الحيوانية المتعرية، ومن ناحية ثانية تعبِّر عن تقديرٍ للذات؛ فذاتُها مصونةٌ غير مبتذلة، ومن ناحية ثالثة توفر للرجال مناخًا صحيًّا للعمل حين تخرج إلى الشوارع والأسواق والدواوين والمصانع.
إن هذه المزايا الثلاثة للحجاب تصبُّ في مسار التحضُّر والتقدُّم، والعكس صحيح؛ فالتبرج اقترابٌ من الحيوانية المتعرية، وليس عند الحيوان تقديرٌ لذاته، ومع تبرُّج النساء يتلوَّث مناخ العمل، الذي يكتظُّ بالرجال غالبًا، فينصرف الرجال عن أداء أكثر الأعمال المنوطة بهم؛ لأنهم انشغلوا بالشعور والنهود والخصور والأرداف؛ فتتلوَّث العيون والألسنة والقلوب، وترتيبًا على ذلك فإن الدعوة إلى الحجاب تحضُّرٌ ومدنيةٌ، والدعوة إلى التبرُّج تخلُّفٌ وهمجيةٌ.
إن المرأة المسلمة قامت بأداء دورها كاملاً على مدار التاريخ خلال أربعة عشر قرنًا، في إطار الاحتشام والوقار والحجاب والالتزام، والمتأمِّل في حال المرأة المصرية المعاصرة يرى هزالَ دورها منذ نزعت صفية امرأة سعد حجابَها، وأما اللاتي صنعتهن دعاوى تحرير المرأة المغلوطة، فلا يكاد الإنسان يجد لهن دورًا واضحًا له تأثير في المجتمع.
المسلمات الملتزمات هنَّ ذوات الانتماء، وهنَّ الأصيلات في مجتمعنا الإسلامي.. هنَّ اللاتي يَشرُفْن بالانتماء إلى سمية زوج عمار وأسماء بنت أبي بكر.
2- التمييز بين أسس بناء وتكوين شخصية المرأة المسلمة وبين المفاهيم والنظريات الوافدة: فمن المناهج ما هو رباني ثابت لا يجوز أن يطرأ عليه تحويل أو تغيير، قال تعالى: ﴿فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلاً﴾ (فاطر: من الآية 43)، ومن الوسائل ما هو بشري متطوِّر؛ يضعه الدعاة بما يتناسب مع المدعوين، مجتهدين في ذلك مقتبسين له من منهج الله تعالى، وهذا النوع من الوسائل يتطوَّر ويتغيَّر حسب المدعوين، وتبعًا لظروفهم وأحوالهم ومستوياتهم، وإذا كان الأصل في المناهج الربانية الثبوت والاستمرار وعدم التحول، فإن الأصل في الأساليب والوسائل والمناهج البشرية التطور والتحول إلى ما يناسب كل عصر وبيئة.
ولا تعني أصالة الثقافة إهمال ثقافة الآخر وعدم الاطلاع عليها والإفادة منها، كما لا تعني ثقافة دينية بالمعنى الكهنوتي، وأيضًا ليست ثقافة جامدة؛ لا تتوافق مع متغيرات العصر، بل يجب أن تكون المرأة ذات ثقافة مرنة، مع أصالة المنبع منهجًا وقيمًا ومصدرًا أيًّا كان اتجاهها أدبًا أو فكرًا أو فنًّا.
3- المحافظة على شرعية المناهج والأساليب والوسائل، وتجنب مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة": فعلى المسلم أن يتجنَّب الحرام، ولو توهَّم أن فعْلَه قد يوصله إلى خير، كما عليه أن يفعل الواجب، وإن توهَّم أن ترْكَه يدفع عنه شرًّا؛ فإن الشر لا يأتي بالخير، وفي الحديث: "تحرُّوا الصدق، وإن رأيتم أن الهلكة فيه؛ فإن فيه النجاة"، وفي رواية أخرى بزيادة: "واجتنبوا الكذب، وإن رأيتم فيه النجاة؛ فإن فيه الهلكة".
ولا يتعارض هذا مع ما ورد من ترخيص بالكذب في بعض المواطن- كاستثناءٍ من حكمٍ عامٍّ- كما في الحديث: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيرًا أو يقول خيرًا" (متفق عليه)، وفي رواية لمسلم بزيادة "قالت أم كلثوم: ولم أسمعه يرخِّص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث، تعني: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها".
4- مراعاة الاختلاف في الأحكام الشرعية: فلا ينزل الأمر المُختلَف فيه منزلة الأمر المُتفَق عليه، يقول سفيان الثوري: "إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختلف فيه، وأنت ترى غيره، فلا تنهه"، ويقول: "ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحدًا من إخواني أن يأخذ به"، وقديمًا قالوا: "وما كل خلاف جاء معتبرًا".
وعلى الإنسان أن يفرِّق بين الأحكام الشرعية القطعية التي لا يُختَلف فيها وبين الأحكام الاجتهادية المُختَلف فيها، فيعمل بما ترجَّح لديه فيها- إن كان أهلاً للترجيح- ثم السلامة والحيطة لا يعدلها شيء، يقول ابن تيمية: "نعم.. من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة خلافًا لا يعذر فيه؛ فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع".
5- التوسط والاعتدال في التمسك بالدين والبُعد عن الغُلوِّ والتشدد، وتجنُّب التقصير والتساهل، وفي الحديث: "هلك المتنطعون"، قالها ثلاثًا (رواه مسلم).
قال النووي: "المتنطعون: المتعمقون المتشددون في غير موضع التشديد"، وفي الحديث أيضًا: "إن الدين يُسْرٌ، فسدِّدوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة" (رواه البخاري).
قال ابن المنير: "في هذا الحديث علم من أعلام النبوة؛ فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطِّع في الدين ينقطع، وليس المراد منه طلب الأكمل في العبادة؛ فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى المَلال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل".
وفي الحديث الذي رواه ابن ماجة: "يا أيها الناس.. إياكم والغلو في الدين؛ فإنه أهلك من كان قبلكم".
6- الرجوع في حكم المسائل المستجدة إلى أهل العلم والاختصاص؛ لتحقيق التوازن بين الأصالة والمعاصرة، قال تعالى: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ﴾ (النحل: 115)، وفي الحديث: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا، اتخذ الناس رءوسًا جهالاً، فأفتوا بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا" (متفق عليه).
التربية التقليدية تَعُدُّ المرأة في إطارٍ ينحصر في البيت وفي بعض المهن داخل وزارتي الصحة والتدريس، بينما التربية عند الغزالي تطالب بإصلاح شامل عن طريق توسيع عملية إعداد المرأة لتدعم مسيرة التنمية دون الإخلال بوظيفتها في البيت.
نموذج المرأة المسلمة المعاصرة
1- تفهم الإسلام فهمًا صحيحًا وتتعامل به:
- متدينة ملتزمة: ذات تقوى، تخاف الله رب العالمين، وذات خلق حسن، تعظِّم شعائر الله، عفتها تجاوز الأفهام، تتحرَّى الحلال وتتجنَّب الحرام.
- تدرك وتعي التأصيل الإسلامي الصحيح بصفته الركيزة الأساسية التي يقوم عليها البناء العملي والثقافي، وهذا التصور يشمل ما يتعلَّق بميزان الشرع: القرآن الكريم والسنة المطهرة، ونظرة الإسلام الصحيحة للمرأة من خلالهما:
* ركائز الإسلام وخصائصه.
* الحياة في مراحلها وطبيعتها، وبطبيعة الإنسان.
- استكمال الثقافة الشرعية القائمة في علوم الإسلام، والتي تعرف المرأة بمكانتها الحقيقية، كما تجعلها مدركةً واعيةً لأمور دينها بفهم عميق غير سطحي، بما يقيم شخصية مسلمة مثقفة، على أن تهتم بالعلوم التي تتناول ما يخص المرأة من فقه وسيرة.. إلخ.
2- الإلمام والوعي بالتحديات التي تواجه المرأة:
هناك من يتربَّص بها من أعداء للإسلام، سواء من بني جلدتنا كمسلمين أو غير مسلمين من يهود وصهاينة.
فهؤلاء ينظرون للمرأة المسلمة بمظهر المُصلح الباكي المتباكي على مصلحتها وحقوقها، ولكنه ضبع ماكر؛ يريد أن يفتك بهذه المسكينة، فُيرديها المهالك، "قاتلهم الله أنَّى يؤفكون".
ويتبع ذلك:
* التعرف على وسائل ومظاهر الأنشطة والمشاريع التي تحاك بالمرأة المسلمة.
* التعرف على أحوال المرأة في مختلف أنحاء العالم، وما آل إليه حالها عندما اتخذت توجهًا مخالفًا للفطرة التي فطرها الله عليها، وما حدث لها من ويلات نتيجةً لذلك ونكبات، وما تعيشه من قلق واكتئاب؛ فهي في مهانة تموت محتضنة كلبها وقطتها، وفي حال شبابها ونضارتها يعبث بها العابثون.
3- الولوج والتفاعل مع مجالات الإعلام والتكنولوجيا الحديثة: من إنترنت واتصالات لتعزيز صورتها لدى العالم حسب تخصصها، ومجال اهتمامها دون إسراف.
4- تثق بقدراتها وبمرجعيتها الإسلامية:
يجب على المرأة المسلمة الواعية أن تكون واثقةً من قدراتها، غير آبهةٍ بالنظرة التي وُضعت لها من الغرب بأنها متخلِّفة، وليس لديها إمكانات تؤهِّلها لخوض معترك الحياة بقوة.
النظرة السلبية للمرأة المسلمة
- شبهات ومفاهيم خاطئة:
انتشار الشبهات المتعلقة بالمرأة، مثل:
* دية المرأة نصف دية الرجل، وميراثها نصف ميراثه.
* شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل.
* أنها لا تكون واليةً ولا قاضيةً.
* تعدد الزوجات.
* قوامة الرجل عليها.
* الحجاب.
* المطالبة بحرية المرأة:
ويقصد بذلك أن تتحرَّر من الحجاب والعفة والحشمة لتكون سلعةً رخيصةً، وقد استخدموا هذا المصطلح من باب التلاعب بالمصطلحات، وهو مصطلح يهودي؛ جاء في البروتوكول الأول لحكماء صهيون.
ومنها جاءت أيضًا المطالبة بالمساواة مع الرجل، وهذه كسابقاتها؛ يريدون معارضة فطرة الله التي فطر الناس عليها، وقد خلق الله تعالى الذكر والأنثى بطبيعتين مختلفتين، ولا ينكر هذا إلا من طُمس على قلبه وعينيه فيريدون أن يتساويا في كل شيء.
نعم.. هناك مساواة في الأصول العامة الشرعية، كالمساواة في أصل التكليف، وفي الجزاء من ثواب وعقاب، وفي التملك، وفي اختيار شريك الحياة ونحوها.
* تصوير مهمة المرأة الأساسية على أنها هامشية: فالبيت والأسرة وتربية الأطفال والعناية بالزوج كلها أعمال جانبية لا تُثبت فيها المرأة نفسها، والخروج من البيت والبحث على العمل والترقي فيه هو الغاية المثلى التي تحقق فيها. المرأة ذاتها وكيانها.
* تصوير قوامة الرجل على أنها تسلُّط ووحشية، وانتشار الحديث في الإعلام عن العنف من الأزواج على أنه تطبيق لمفهوم القوامة.
* إقحام المرأة في أعمال الرجال؛ مما أدَّى إلى اختلالٍ في سوق العمل، وانتشرت البطالة بين الرجال، ومن المضحك المبكي مطالبتهم بولوجها المهن الحرفية، كالسباكة والكهرباء، وهم الذين ينادون بتحرير المرأة، والبحث عن كرامتها الضائعة.
أنتِ فيكِ كنوزٌ متنوعة.. المطلوب فقط عزيمة وعزم وإرادة.
أبعدي عنك كل ما يقلِّل من عزيمتك.. افتحي خيالك للمستقبل واحلمي بغد جميل.
نعم.. هناك تحديات تحيط بك، لكن واجهيها بقوة.
نعم.. هناك تحديات تحيط بك، لكن واجهيها بقوة.
5- مؤثِّرة لا متأثِّرة:
أن يكون لها دور في إصلاح نفسها وبيتها ومجتمعها، فتصبح مؤثرةً لا متأثرةً، مُصلِحةً لا مُفسِدة، عاملةً لا عاطلةً، متبوعةً لا تابعةً، واضعةً الغايةَ من خلقها نُصب عينها؛ حتى يكون مآلها إلى جنة الرضوان؛ وذلك بانفتاح على كل ما هو جديد من وسائل.
6- وضوح الهدف، وابتكار في الوسائل:
وضوح الهدف لدى المرأة يقوّي خطواتها، ويضمن استمرارية.
7- مثقفة واعية:
- على معرفةٍ بنظريات التربية الحديثة للنشء، والدراسات التي تُفيدها كأمٍّ وزوجةٍ.
- دعم ثقافتها بالعلوم المساعِدة الأخرى، كاللغة والآداب، وتكنولوجيا الاتصال الحديثة، حتى تُثريَ وتُعمِّق ثقافتها وتُنمِّيَ الأسلوب وتزيد من رصيد الفكر، وتجعلها أكثر تأثيرًا فيمن حولها.
- دعم ثقافتها بالعلوم المساعِدة الأخرى، كاللغة والآداب، وتكنولوجيا الاتصال الحديثة، حتى تُثريَ وتُعمِّق ثقافتها وتُنمِّيَ الأسلوب وتزيد من رصيد الفكر، وتجعلها أكثر تأثيرًا فيمن حولها.
8- مبدعة ومبتكرة:
تنمية وتطوير ذاتها ومواكبة علوم العصر التي ترتقي بفكرها، وأسلوب تعاطيها مع الحياة، في تربية الأبناء ومع زوجها، وفي عملها، ومع المحيط الذي حولها، ولا تكتفي بالرجوع إلى المراجع الأصلية من كتب المتقدمين فحسب؛ فهذا يعزلها عن واقعها ويقلِّل من تأثيرها.
9- التميُّز والجودة في الأداء.
10- المساهمة في مجالات العمل النِّسْوي:
- المساهمة في مجالات العمل النِّسْوي في مؤسسات المجتمع المدني والمراكز المختلفة في جميع المجالات؛ سياسية واجتماعية واقتصادية.
- المشاركة في البحوث والدراسات التي تُعنَى بالمرأة، وخاصةً في القضايا ذات الإلحاح، مثل قضايا : الدراسة والزواج، البيت والعمل، التعامل مع الأطفال والجيران والتأثر بالمجتمع، المؤثرات الفكرية والعقلية على المرأة، العادات والسلوكيات المختلفة، وغيرها؛ فينبغي أن تشارك فيها المرأة المسلمة.
خاتمة:
وأخيرًا.. فلنتذكَّر أن كل خطوة في حياتنا لا بد أن تخدم الهدف الذي نسعى إليه، وهو تمكين دين الله عز وجل في هذه الأرض، وأن نكسب رضا الله والجنة؛ فسِرُّ نجاحنا هو وحدة الهدف؛ فلا بد من الفهم العميق لهذا الهدف؛ فالفهم بصيرة وإدراك ووضوح رؤية، وهذا يسهِّل العمل والتنفيذ، وطبعًا لا يثمر العمل إلا بالإخلاص والتجرد، وعلينا أن نفهم أن من سنن الدعوات المحن والابتلاءات، وهذا يتطلَّب منا ثباتًا وتضحية وجهادًا ونحن نسير في طريق الدعوة، وعلينا أن نؤمن بأن الله سينصر جنده وسيُعِزُّ دينه مهما طال الأمد؛ فالثقة في نصر الله تملأ القلوب طمأنينةً ويقينًا، ولا تنسَي الترابط والحب الذي بينكِ وبين من حولك، يُعينكِ على حسن طاعة الله ورضاه، وبالله والتوفيق.
فريال الامل- المشرف العام
- تاريخ التسجيل : 03/01/2010
العمر : 35
المطالعة والكتابة
المراة العربية بين الاصالة والمعاصرة
مشكووورة يا غالية
فالمرأة تعد اللبنة الاساسية في تقوية المجتمع لذا و لبد من ان تكون المرأة العربية
قوية و ملتزمة بمبادئ الدين الاسلامي
حيث يقول الشاعر :
الام مدرسة إذا أعددتها ***أعددت جيل طيب الاعراق
و لهذا اعتنى الاسلام ورسم ملامح المرأة القوية من حيث المبادئ
وما نلاحظه الان من تفسخ الحضارة العربية ما هو إلا دليل على الغزو الثقافي
الذي تلعبه بعض الاطراف لتهويد بنيان المجتمع العربي من خلال تقويض كييان المرأة العربي المسلمة
اللهم أهدنا إلى الصراط المستقيم
و نور قلوبنا يا أرح الراحمين
فالمرأة تعد اللبنة الاساسية في تقوية المجتمع لذا و لبد من ان تكون المرأة العربية
قوية و ملتزمة بمبادئ الدين الاسلامي
حيث يقول الشاعر :
الام مدرسة إذا أعددتها ***أعددت جيل طيب الاعراق
و لهذا اعتنى الاسلام ورسم ملامح المرأة القوية من حيث المبادئ
وما نلاحظه الان من تفسخ الحضارة العربية ما هو إلا دليل على الغزو الثقافي
الذي تلعبه بعض الاطراف لتهويد بنيان المجتمع العربي من خلال تقويض كييان المرأة العربي المسلمة
اللهم أهدنا إلى الصراط المستقيم
و نور قلوبنا يا أرح الراحمين
سعيد الوحدة- مشرف المنتدى العام
- تاريخ التسجيل : 25/02/2010
العمر : 38
الموقع : الجزائر
رياضة و مطالعة
رد: المراة العربية بين الاصالة والمعاصرة
مرسي ليك ياغالي على الرد الرائع ودمت بالف خير ونجاح يارب
فريال الامل- المشرف العام
- تاريخ التسجيل : 03/01/2010
العمر : 35
المطالعة والكتابة
رد: المراة العربية بين الاصالة والمعاصرة
مشكورة اختي وتسلم يداكي على الموضوع القيم
الاميرة
الاميرة
الاميرة- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 18/01/2010
العمر : 34
الموقع : فلسطين
طالبة
مواضيع مماثلة
» شبابنا بين الاصالة والمعاصرة
» المراة القوية
» بمناسبة عيــــد المراة **أتيتُ أحييهـن بعيدهــــن**
» هجرة الادمغة العربية
» الناشط الالكتروني وائل غنيم يتحدث لقناة العربية
» المراة القوية
» بمناسبة عيــــد المراة **أتيتُ أحييهـن بعيدهــــن**
» هجرة الادمغة العربية
» الناشط الالكتروني وائل غنيم يتحدث لقناة العربية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى